ﺔﻳﻮﺒﻨﻟﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ ﺀﻮﺿ ﰲ … › wp-content › uploads › 2016 › 11...

111

يف ضوء السنة النبوية أسلوب تربية الطفل بالقدوة

١نور ناجحان بنت جعفر

[email protected]

:ملخص البحث

يتناول هذا البحث أسلوب تربية الطفل يف املرحلة املتوسطة بالقدوة يف ضوء السنة

وذلك من أجل مجع ،املنهج االستقرائي :أوهلمايركز على منهجني رئيسني، و النبوية،

:والثاين .ب تربية األطفال بالقدوة يف الكتب احلديثاألحاديث النبوية املتعلقة بأسلو

املنهج الوصفي التحليلي الستخراج األسلوب التربوية بالقدوة اخلاصة باألطفال يف

البحثلقد اشتمل هذا .رحلة املتوسطة، عن طريق دراسة األحاديث النبوية وحتليلهاامل

هوم تربية الطفل، واملطلب مف: املطلب األول. على مقدمة، وأربعة املطالب، وخامتة

أسلوب تربية الطفل يف السنة : مفهوم تربية الطفل بالقدوة، واملطلب الثالث: الثاين

.بعض التنبيهات حول هذا األسلوب: النبوية، واملطلب الرابع

:املقدمة

لقد اهتمت السنة النبوية بتربية اإلنسان منذ مرحلة مبكرة، وهي مرحلة ما قبل

ويعد املنهج اإلسالمي يف . اليت ميكن أن نسميها مبرحلة اإلعداد ملرحلة الطفولةالطفولة، و

تربية األطفال املنهج الكامل، والفاعل يف احلفاظ على األطفال من األدواء واالحنرافات

. اخلطرية املنتشرة يف جمتمعنا املعاصر

.جامعة العلوم اإلسالمية املاليزية حماضرة يف قسم الكتاب والسنة يف ١

Generated by Foxit PDF Creator © Foxit Softwarehttp://www.foxitsoftware.com For evaluation only.

112

ل، ومفهوم تربية هذا البحث عبارة عن حماولة التعرف على مفهوم تربية األطفاو

األطفال بالقدوة، وأسلوب تربية األطفال بالقدوة املستنبطة من األحاديث النبوية، وبعض

سيقوم هذا البحث باستقراء األحاديث املتعلقة بتربية . التنبيهات أو التطبيقات حوله

نوعة األطفال بالقدوة اليت أشارت إليها السنة النبوية، واستنباط األساليب التربوية املت

.للطفل، والوقوف على بعض التطبيقات العملية هلا

فلم جتدكتب، وحبوث، ودراسات يف جمال تربية األطفال، علىوقد اطلعت الباحثة

إن كانت هناك بعض و. دراسة خاصة تتناول أساليب تربية األطفال يف األحاديث النبوية

السنة النبوية، ولكنها تعاملت مع هذا ختلو من بيان معامل منهج القرآن الكرمي ودراسات ال

وهلذا أرادت الباحثة إفراد املنهج النبوي يف أسلوب تربية األطفال . املوضوع بشكل عام

فقد وقفت الباحثة على عدد من املصادر وبتوفيق من املوىل .بالقدوة دراسة حتليلية

.لبحثاليت ذكرا يف آخر اواملراجع ذات العالقة ذا املوضوع،

مفھوم تربیة الطفل : المطلب األول

مفهوم التربية لغة واصطالحا: أوال

:١"التربية"من حيث اللغة، هنالك ثالثة أفعال ميكن أن يرد إليها اشتقاق كلمة

ويف . ربا الشيء يربو إذا منـا وزاد : منا وزاد، مثل قولنا: ربا، يربو، مبعىن: الفعل األول

وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فال يربو عند الله ومـا : نزل قوله تعاىلهذا املعىن

.]٣٩: اللزوم[ آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون

: ريب فالن يف بين فالن، أي: عرع، مثل قولنانشأ وتر: ربي، يريب، مبعىن: الفعل الثاين

:نشأ وترعرع فيهم، وعليه قول ابن األعرايب

زيل وا ربيت مبكة من فمن يك سائال عين فإين

،آبادي الفريوز؛ و)ربا(، مادة ٣٠٤، ص ١٤، جـ لسان العرب ،مد بن مكرم األفريقي املصريابن منظور، حم :انظر ١

). ربا(، مادة ١٦٥٩ص ،القاموس احمليط، محد بن يعقوب


113

وربائبكم الالتي في حجوركم مـن نسـآئكم : ويف هذا املعىن أيضا نزل قوله تعاىل

بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فال جناح عليكم وحالئل أبنائكم الذين مـن الالتي دخلتم

.]٢٣: النسـاء [ أصالبكم وأن تجمعوا بين األختين إال ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما

. ا مبعىن النشوء والترعرعفالتريبة هن

أصلح ورعى، أي ساس وتوىل األمر، ويف هذا املعىن :رب، يرب، مبعىن: الفعل الثالث

االصـالح : فالتربيـة هنـا مبعـىن . ]٢: الفاحتة[ الحمد لله رب العالمني: نزل قوله تعاىل

الزيادة والنماء، والنشـوء والترعـرع، : ىنفالتربية إذن من الناحية اللغوية تأيت مبع .والرعاية

. واالصالح والرعاية، وتويل األمر

أما التربية اصطالحا، فقد ذكر بعض العلماء تعريفات عدة جتمع يف مفرداا املعـاين

: ومن تلك التعريفات ما يلي. اللغوية السابقة

١."إنشاء الشيء حاال إىل حد التمام" -١

، ٢"له شيئا فشيئا، وقد وصف به تعاىل للمبالغـة تبليغ الشيء إىل كما" -٢

.]٢: الفاحتة[ الحمد لله رب العالمنيكما يف قوله تعاىل

اجلهود املقصودة اليت تبذل من اإلنسان بشـكل خـاص إلحـداث " -٣

٣."تغيريات فيه، مرغوب فيها

مفهوم الطفل لغة واصطالحا: ثانيا

فلطلتنا كان . لغة على الصغري من كل شيء ق كلمة الطيء من كل شيء، عزوكل ج

كما . لينة :أي ،وريح طفل ،يسيرة قصيرة : أي ،حاجة طفل :يقال. ، وال فعل لهأو حدثا

، عـا واحـدا وجم وقد يكون الطفل .تأيت مبعىن الصغري من أوالد الناس، والبقر، والظباء

١ .١٨٤، ص املفردات يف غريب القرآنالراغب األصفهاين، احلسني بن حممد أبو القاسم،

.١٠٠، ص أنوار التنزيل وأسرار التأويل البيضاوي، عبد اهللا بن عمر أبو سعيد، ٢


114

هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثـم :قال اهللا تعاىل وذكرا ومؤنثا،

غـوا يخرجكم طفال ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبل

أو الطفل الذين لم يظهروا علـى :وقال اهللا تعاىل ،]٦٧: غافر[ مسمى ولعلكم تعقلون أجال

أيها عورات النساء وال يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفني من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا

ونالمحفلت لكمون لعنمؤ ]جارية طفلة وطفل، وجاريتان طفـل، :والعرب تقول. ]٣١: النور

. ١وجوار طفل، وغالم طفل، وطفالن وأطفال وطفالت يف القياس

وقـال . الطفلة، وأطفال، وطفالت: وجيوز املطابقة يف التثنية واجلمع والتأنيث، فيقال

ولد حىت مييز، مث ال يقال له بعد ذلك طفل، بل صيب، وحزور، يبقى هذا االسم لل: بعضهم

. ٢وذهب بعضهم إىل أنه يقال له طفل إىل أن حيتلم. ويافع، وبالغ

أما الطفل يف اصطالح علماء التربية، فيضم مجيع األعمار ما بـني املرحلـة اجلنينيـة

الواقعة ما بني احللم وسـن ومرحلة االعتماد على النفس، ولذلك حددت الطفولة بالفترة

من (مرحلة ما قبل امليالد، مرحلة املهد : الثامنة عشرة، مبعىن أا تشمل مراحل النمو التالية

، الطفولـة )سنوات ٦من سن سنتني إىل سن (، الطفولة املبكرة )يوم الوالدة إىل سن سنتني

سـنة إىل ١٣سن من(مث مرحلة املراهقة ،)سنة ١٢سنوات إىل سن ٦من سن (املتوسطة

اإلنسان منـذ املـيالد إىل أن :فالطفل من ناحية التربية وعلم النفس، يقصد به). سنة١٨

واصطلح على تعريف الطفل بذلك يف قوانني عدد من . يكتمل منوه ويصل إىل حالة النضج

.٣الدول بينما ميتد سن الطفل يف بعض الدول املتقدمة إىل سن احلادية والعشرين

١

، لتوقيف على مهمات التعاريفا ،حممد عبد الرؤوف ،املناويو؛ ٤٠١، ص ١١جـ لسان العرب، ابن منظور،: انظر

ـ ـ تار الصحاحخم ،القادر حممد بن أيب بكر بن عبد، الرازي؛ و٤٨٣، ص ١ج .٤٠٣، ص ١، ج

).طفل: (، مادة١٤٢ص ، باح املنرياملصالفيومي، أمحد بن حممد، : انظر ٢٣

.٤٥ - ٤٣ص ، رياض اإلسالم. اجلراجرة، عيسى: انظر


115

فهوم تربية الطفل يف اصطالح علماء التربيةم: ثالثا

إذا استعمل مصطلح التربية يف ميدان تربية الطفل، فهناك تعريفـات متعـددة وردت

: على ألسنة وأقالم الباحثني يف جمال التربية، ومن تلك التعريفات ما يلي

حي شخصـيته عملية توفري الفرص املالئمة، لنمو الفرد منوا متكامال يف مجيع نوا" -١

اجلسمية، والعقلية، والعاطفية، واالجتماعية، حىت يستطيع ممارسـة أمنـاط

.١"سلوكية خمتلفة متكنه من التكيف مع احلياة واتمع

تزويد الطفل مبا حيتاج إليه من الثقافة اإلنسانية الضرورية، وتغذيته مبا حيتاج إليه " -٢

خالل مرحلة منـوه، من التغذية الضرورية، وحفظه من كل سوء، ورعايته

وذيب أخالقه، ونفسه، لينشأ نشأة سليمة، ولينمو منوا متكـامال، مـن

الناحية اجلسمية، والروحية، والعقلية، والنفسية، واالجتماعية، واألخالقيـة،

٢"زلته، ويكون شريفا يف قومهحىت يعلو شأنه، وترتفع من.

رة القدرات الكامنة لدى الطفل، مث عملية تكوين لإلنسان، يسعى إليه املريب بإثا" -٣

توجيهها توجيها سليما، وذلك باستخدام أفضل أساليب التربيـة والتعلـيم

.٣"اليت توصل إليها املربون

من خالل ما سبق إىل أن كل التعاريف تتفـق علـى أن تربيـة الباحثة وقد توصلت

نبها، وإحكـام بنائهـا إىل الطفل هي عملية تكوين شخصية الطفل وتنميتها من مجيع جوا

حد الكمال، عن طريق استخدام األساليب التربوية املناسبة لكل مرحلة من مراحل عمـر

.الطفل، مما ييسر له حسن التعامل مع اآلخرين يف اتمع الذي يعيش فيه

.١٣، ص الثقافة اإلسالميةهندي، صاحل ذياب، ١ .٥١، ص التربية األخالقية يف اإلسالمياجلن، مقداد، ٢٣

.١٤، ص بناء الشخصية من خالل التربية اإلسالميةحمرم، خالد حممد،


116

تربية الطفل يف املنظور اإلسالمي: رابعا

موجودا أو مسـتعمال يف عهـد -لطفلتربية ا–مل يكن هذا االصطالح ذا اللفظ

السلف، ولكن ميكن أن يطلق هذا املصطلح على أسس، ومبادئ كانوا يطبقوا يف العملية

إذ مل يكن فن تربية الطفل، أو التربية عموما، علما مستقال، كما هـي حالـه يف . التربوية

أوروبا قبل مـائيت سـنة وقتنا احلاضر، ويعد هذا العلم من العلوم احلديثة اليت ظهرت يف

. ١"parenting" :تقريبا، وعرفت فيه باسم

وميكن أن يطلق هذا املصطلح على أسس ومبادئ كان يطبقها اتمع اإلسالمي األول

يف العملية التربوية، فقد قام بتلك املهمة أحسن قيام، مستعينا يف ذلك مبا جـاء يف القـرآن

إن هـذا القـرآن قال اهللا تعاىل . مبادئ تربوية سامية وشاملةالكرمي، والسنة النبوية من

: اإلسـراء [ يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنني الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبريا

وتشريع، كما أنه كتاب تربية فإن كل من يقرأ القرآن بتدبر وتفكر، يراه كتاب عقيدة. ]٩

فقد اشتمل القرآن الكرمي على منهج متكامل يف التربية، وهو منهج ميتاز بالدقـة . وتوجيه

كما أنه منهج رباين ال يأتيه الباطل من بني يديـه . والشمول، جلميع مراحل حياة اإلنسان

ية، وهنـا يكمـن هو منهج خيتلف اختالفا جوهريا عن كل املناهج البشر. وال من خلفه

لذلك جتد فيه أساليب تربوية تتفق مع أرقى ما . السبب يف جناح املنهج اإلسالمي يف التربية

.توصل إليه الفكر التربوي قدميا وحديثا

والسنة النبوية هي املصدر الثاين للتشريع اإلسالمي بعد القرآن العظيم، وقـد اتفقـت

مية، وإذا كان القرآن الكرمي يعاجل أمـور احليـاة على ذلك خمتلف املذاهب والفرق اإلسال

وقضايا اإلنسان بطريقة جمملة، فقد جاءت السنة النبوية الشريفة مفسـرة ومبينـة هلـذا

هو الذي بعث في األميني رسوال منهم يتلو علـيهم آياتـه : اإلمجال، كما قال اهللا تعاىل

كيهمزية وكمالحو ابتالك مهلمعيو ] فالكتاب يف اآلية، أحد أمسـاء القـرآن . ]٢: اجلمعـة

،التأويـل يف والفقـه ،بالـدين املعرفة: ، فتطلق على عدة معان، منهااحلكمةالكرمي، أما

١

.٢٤، ص سالماإلهم يف ضوء تاألوالد وتربي ،حممد بنملقبل، حممد ا :انظر


117

:وقيـل . ءوالقضـا احلكماحلكمة هي : وقيل. تعاىل اهللا من ونور سجية هو الذي والفهم

، نص عليه يف الكتـاب مل يمراد اهللا فيما نة على لسان رسول اهللا هي السنة املبي احلكمة

.١وهذا القول األخري هو ما رجحه اإلمام القرطيب يف تفسريه

جيده مربيا عظيما خياطب النـاس علـى قـدر ومن يدرس شخصية الرسول اهللا

عدادم، وطبائعهم، يراعي يف املـرأة عقوهلم ويراعي حاجام، كما يراعي مواهبهم، واست

ومن خالل اسـتقراء . أنوثتها، ويف الرجل رجولته، ويف الكهل كهولته، ويف الطفل طفولته

قد كان له يف تعامله مع األطفـال كتب األحاديث والسرية النبوية، جند أن الرسول اهللا

.وتربيته هلم، أساليب وطرق عديدة، يراعي فيها حاجام وطبيعتهم

مع الطفل كثرية متعددة، ميكن االستفادة منـها يف ل النيب واألحاديث املتعلقة بتعام

فهو . إرساء قواعد دستور رعايتهم، وتربيتهم، والعناية م، ومحايتهم من كل أذى متوقع

يؤكد حق الطفولة الربيئة يف االستمتاع بفترة الطفولة، وذلك بتأكيده علـى أن لعـامل

وصية متميزة جيب أخذها بعني االعتبار على الدوام، خالل عمليـات رعايـة الطفل خص

، سابقين النيب فسـبقته ": قالترضي اهللا عنها عن عائشة كما روي . الطفل والعناية به

وهذا يدلنا على حاجة .٢»هذه بتيك« :فقال ،فلبثنا حىت إذا رهقين اللحم سابقين فسبقين

. حلاجته وخصوصيته النيب الطفل للعب والترويح، ومراعاة

للعب احلبشة باحلراب يف املسـجد يف األعيـاد وقد جاء يف رواية أخرى إقراره

واحلبشة يلعبـون ،دخل عمر" :قال عن أيب هريرةواملناسبات، وعدم إنكاره عليهم، ف

.٨١، ص ١٨، جـ اجلامع ألحكام القرآن ،حممد بن أمحد أبو عبد اهللا، القرطيب: انظر ١وقال ،٢٤١٦٣، رقم احلديث ٣٩، ص ٦جـ مسند اإلمام أمحد بن حنبل، ، أبو عبد اهللا أمحد بن حنبل،أخرجه أمحد ٢

."هذا حديث صحيح": رنؤوطالشيخ شعيب األ


118

ول ومسح رس ١.»فإمنا هم بنو أرفدة !يا عمر«: فقال رسول اهللا ،يف املسجد فزجرهم عمر

للسيدة عائشة رضي اهللا عنها أن تستمتع بالنظر إليهم وهم يلعبون، حيث قالـت اهللا

واحلبشة يلعبون ،يوما على باب حجريت لقد رأيت رسول اهللا" :رضي اهللا عنهاعائشة

هنـا نتأكـد أن الـنيب .٢"أنظر إىل لعبهم ،يسترين بردائه ورسول اهللا ،يف املسجد

يف االستمتاع بفترة طفولتهم، حيث مسح للسيدة عائشة رضـي اهللا يراعي حقوق األطفال

اجلاريـة قدر فاقدروا": ويف ذلك تقول السيدة عائشة . عنها أن تستمتع بالنظر إىل لعبهم

.٣"اللهو تسمع السن احلديثة

والعملية التربوية يف نظر اإلسالم، غري حمددة بفترة معينة من عمر اإلنسان، حيث إـا

ومع ذلك، فـإن . يد من املرء أن يعمل على تربية نفسه وغريه حىت آخر حلظة من حياتهتر

ألـا أسـاس ؛مرحلة الطفولة هي من أهم املراحل يف حياة اإلنسان، وأكثرها خطـورة

ويؤكد ذلك ما قرره علماء النفس من أمهية مرحلة الطفولة إىل سـن . ملراحل احلياة التالية

ا على املراحل التالية من عمر اإلنسان، فهم يقررون بأن اخلـربات اخلامسة، ومدى تأثريه

الطفولية يف السنوات اخلمس األوىل من عمر اإلنسان، هلا أثر كبري يف تشكيل شخصيته يف

.٤املستقبل

١د، أصحاب احلراب يف املسج :باب ، كتاب أبواب املسجد، صحيحهيف ،-واللفظ له – البخاريأخرجه . متفق عليه

الرخصة يف اللعب الذي ال :باب ،صالة العيدينكتاب ، صحيحهيف مسلم، ؛ و٤٤٣، رقم احلديث ١٧٣ص ، ١ـ ج

.٨٩٢ احلديث رقم ،٦٠٢، ص ٢، جـ معصية فيه، رقم ١٢٩٨، ص ٣يا بين أردفة، جـ : قصة احلبشة وقول : كتاب املناقب، باب ،صحيحه ي، يفالبخارأخرجه ٢

.٣٣٣٧احلديث ، رقم احلديث ١٩٩١، ص ٥حسن املعاشرة مع األهل، جـ : ، كتاب النكاح، بابصحيحهأخرجه البخاري، يف ٣

٤٨٩٤. ٤

:انظر Duane P. Schultz & Sydney Ellen. Schult, Theories of personality 59.


119

والطفل أمانة من اهللا تعاىل لألبوين، ومها مسؤوالن عن رعاية أوالدهم، وقد جعـل

إن : وقد أمر اهللا تعاىل بأداء األمانة، كما جاء يف القرآن الكـرمي . ذلك أمانة يف أعناقهم

والة :فاملخاطب يف هذه اآلية، قيـل . ]٥٨: النساء[ الله يأمركم أن تؤدوا األمانات إلى أهلها

لـف املك على بـجي ما على ازاـجم األمانة قطلتو. شيئا الناس أمور من ويل من ،األمر

،واجلـوار ،والعهـود ،والعلم ،كالدين امةـوالع اخلاصة من ومستحقيه أربابه إىل إبالغه

إذا، فاآلية عامة تتعلق بكل املكلفـني، .١العموم صيغ من واألمانات. وحنوها ،والنصيحة

فمثال السلطان مسئول عن رعيته، واملدير مسئول عن موظفيه، واألبوان مسـئوالن عـن

وكلكم مسؤول عـن ،كلكم راع«: ذلك ما جاء يف احلديث الشريف ويؤكد .أوالدمها

،وهو مسؤول عن رعيتـه ،والرجل راع يف أهله ،اإلمام راع ومسؤول عن رعيته ،رعيته

ومسؤول ،واخلادم راع يف مال سيده ،ومسؤولة عن رعيتها ،واملرأة راعية يف بيت زوجها

به على من يشاء من عباده، كيفمـا واألطفال شأم شأن أي رزق ينعم اهللا .٢»عن رعيته

لله ملك السماوات واألرض يخلق مـا : شاء ومىت شاء، كما توضحه اآليتان الكرميتان

اء الذكورشن يمل بهياثا واء إنشي نمل بهاء يشل . يعجياثا وإنانا وذكر مهجوزي ن أوم

يرقد يملع هيما إنقاء عشي ]٥٠، ٤٩: الشورى[.

تربية الطفل من أهم املوضوعات املتعلقة بالعائلة املسلمة، لكوا الركيزة الرئيسة وتعد

وحول أمهية تربية األطفال يف اإلسالم، جـاء قولـه . يف تكوين اتمع اإلسالمي الصحيح

مما يشري إىل أمهية وقايـة ،]٦: التحـرمي [ ارانذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم يا أيها ال: تعاىل

.٣الوالدين ألنفسهم وألبنائهم من خالل التوجيه لصاحل األعمال

إن تربية الطفل يف نظر اإلسالم ال تقتصر على اجلوانب املادية واحلاجـات اجلسـدية

فيختلف بذلك مفهومها عن مفهوم التربيـة يف . روحية واملاديةفقط، بل تشمل النواحي ال

١

ابن عاشور، حممد الطاهر، ؛٥٧١، ص ٢، جـ الدر املنثور، عبد الرمحن بن الكمال جالل الدين ،السيوطي: انظر

.٩٦٩، ص ١ جـ، التحرير والتنوير .رجيهسبق خت ٢٣

ـال ،الضامن، رميا كمال: انظر .١٧ص ،األسـرة ورعاية الذات اإلنسانية لألطف


120

احلضارات الغربية احلديثة اليت تعمل على تنمية اجلوانب املادية وإشباعها، وتغفل اجلانـب

كما صـرح بـذلك أحد املفكـرين املسـلمني . الروحي إغفاال يوشك أن يكون تاما

، القلــب : يتكون من أربعة عناصـر ، فاإلنـسانالسيد حممد جنيب العطاس: املعاصرين

.١وال ميكن إغفال جانب منها على جانب اآلخر، العقلو ،الروحو ،النفـسو

إن التربية اإلسالمية ليست قواعد نظرية دون تطبيق، بل جتمع بني العلم والعمل وبني

ين؛ الـدنيا الفكر والسلوك، وذلك مبا يعود على الفرد واتمع بالنفع والسعادة يف الـدار

تنس نصيبك مـن الـدنيا وابتغ فيما آتاك الله الدار اآلخرة وال واآلخرة، قال اهللا تعاىل

كإلي الله نسا أحسن كمأحو... ]٧٧: القصص[.

عملية جادة لتنشـئة يف نظر اإلسالم بأا " تربية الطفل"على ما سبق ميكن تعريف بناء

اإلنسان الكامل، ليدرك مسئولياته الفردية وعالقاته االجتماعية وسائر مهماته، بأسـاليب

يصلح آخـر فال . مناسبة، مستندة يف مفاهيمها ومبادئها وقيمها إىل القرآن والسنة املطهرة

ـنيب هذه األمة إال مبا صلح به أوهلا، فصالح األول، كان باتباع القرآن الكرمي و سنة ال

ولن يصلح حال هذه األمة إال بـالعودة إىل هـذين املصـدرين . وتطبيقها يف واقع احلياة

.والتمسك مبا جاء فيهما

التربیة بالقدوة: المطلب الثانيألا جـوهر كـل ؛إن القدوة هي أهم أساليب التربية إن مل تكن هي أمهها على اإلطالق

، فال بد للطفل من قدوة يف والديه، ومدرسته، وجمتمعه كي طريقة للتربية، وأساس كل أسلوب

وال بد أن تكون قدوة اجلميع هي شخصية الرسول . يتشرب املبادئ التربوية ويسري على جها

اليت تتمثل فيها كل مبادئ اإلسالم وقيمه وتعامليه.

١

: انظر Al Attas, Syed Muhammad Naquib, The nature of man and the psychology of the Human soul, 5.


121

تعريف القدوة لغة واصطالحا : أوال

ملـا ،قدوة وقـدوة :يقال ،الذي يتشعب منه تصريف االقتداء أصل البناء يف اللغة "لقدوا"

.١يقتدى به ،فالن قدوة :يقال ،والقدوة األسوة .قدوة :مجع "القدى"و، يقتدى به

٢".املثال الذي يتشبه به غريه، فيعمل مثل مـا يعمـل "اصطالحا، فهي "القدوة"أما

عملية شاملة فهي، تشمل "والتربية بالقدوة . سى به يف مجيع أحوالهفالقدوة إذا، هي من يتأ

قدوة األبوين، وقدوة األخ األكرب يف األسرة، وقدوة املعلم يف املدرسـة، وقـدوة رفـاق

ليكـون الـنيب وقد اختـار اهللا . ٣"اللعب، وقدوة اتمع جبميع أفراده ومؤسساته

: كما قال اهللا تعـاىل . أخالقه، وأفعاله، وحياته كلهاالقدوة األوىل والعليا للناس مجيعا يف

اللـه ذكرو راآلخ مواليو و اللهجرن كان ية لمنسة حوأس ول اللهسي رف كان لكم لقد

.]٢١: األحزاب[ كثريا

أمهية القدوة يف تربية الطفل: ثانيا

األكرب يف التربية والتوجيه ملختلف فئات اتمع، وإن هـذا الـدور إن للقدوة الدور

والقدوة يف املنظور اإلسالمي أعظم أسلوب من . يزداد أمهية يف تربية األطفال، وتوجيههم

أولـئك الذين هـدى اللـه : لذا قال اهللا تعاىل. أساليب التريية يف مجيع املراحل العمرية

وتكمـن .]٩٠: األنعـام [ قتده قل ال أسألكم عليه أجرا إن هو إال ذكرى للعالمنيفبهداهم ا

:بالنسبة لتربية الطفل يف أسباب أمههاأمهية هذا األسلوب

أن مستوى الفهم لدى األطفال أدىن بكثري منه عند الكبار، فتبقى الرؤيـة :أوال

لواقع حي، أهم أسـلوب يف تربيتـهم، دة أو املالحظة املباشرةبالعني ار

. فهي أهم من قراءة الكتب، أو مسـاع اآلخـرين، أو الـدروس امللقـاة

فاإلنسان يتعلم من خالل حاسة البصر أكثر مما يتعلم من خالل أية حاسة

١

).قدا(دة ، ما١٧١، ص ١٥، جـ لسان العربابن منظور، : انظر

٣

.٢٠ص ،ء القدوة ودورها يف تربية النشالقرشي، بريكان بركي،


122

أخرى، فهذه احلاسة هي مسئولة عن تكوين املفاهم، وختـزين الصـور

وذلـك . ء، بل تسهم يف تغذية اخليال بعناصـره الالزمـة املختلفة لألشيا

لوجود تلك الغريزة الفطرية امللحة يف كيان اإلنسان اليت تدفعه حنو التقليد

خاصة األطفال الصغار، وهم أكثر تأثرا بالقدوة من أي أسلوب ،واحملاكاة

.آخر

مها الطفـل تعطيـه أن القدوة احلسنة، املتحلية باملبادئ والفضائل اليت يتعل :ثانيا

قناعة بأن هذه الفضائل ليست جمرد مبادئ مثالية، نطمح إىل حتقيقهـا، أو

بل هي يف متناول القـدوة، . أن وجودها غري ممكن أو من األمور البعيدة

وميكن تطبيقها يف واقع احلياة، ومشاهدة احلال تصبح دليال عمليا علـى

للغة، واملعـارف، والقـيم ويلعب القدوة دورا هاما يف اكتساب ا. ذلك

األخالقية بصفة عامة، حيث مييل الطفل إىل تقليد أو حماكاة غريه يف صوته

.وحركته، بإعادة أو تكرار األفكار وأمناط السلوك اليت يدركها

أن الطفل عندما يرى سلوكا أو عمال حسنا، حيمد عليه اإلنسان، فإن ذلك :ثالثا

واإلعجاب والتقدير هلذا العمل، وهذا يدفعه إىل يثري يف نفسه االستحسان

. حماولة تقليده

وهـذا . الطفل مدفوع برغبة خفية ال يشعر ا إىل التقليد، دون أن يقصد :رابعا

التقليد غري املقصود ال يقتصر على حسنات السلوك، بل قد يتعـداها إىل

يف إصـالح فإن القدوة إذا كانت حسنة، فإن األمل يكون كبريا. غريها

. الطفل، وإذا كانت القدوة سيئة فإن االحتمال األرجح هو فساد الطفـل

وإن القدوة احلسنة هي دائما قوة موجبة يف إحداث األثر التربوي الـذي

واألبوان يف نظر األطفال أكمل . يتطلب قدرا مساويا للجهد املبذول فيها

يبـدأ التقليـد عنـد و. الناس وأفضلهم، هلذا فهم يقلدوم ويقتدون م


123

منذ السنة الثانية تقريبا، ويبلغ التقليد غايته يف سن اخلامسة أو " األطفال عادة

. ١"السادسة، ويستمر معتدال حىت الطفولة املتوسطة

ومما يؤكد أمهية القدوة يف تربية الطفل، ما توصل إليه علم النفس احلـديث، حيـث

، أن القدوة، أو التقليد، أو احملاكة، أو املالحظة من "Bandura"يرى العامل النفسي باندورا

: ومن نظريات علم النفس املتعلقة بذلك ما يلي. أهم األساليب يف تربية الطفل وتعليمه

:نظرية التعلم باملالحظة

هو العملية اليت من خالهلا يالحظ الشخص -كما يراه باندورا-إن التعلم باملالحظة

خرين، ويعمل على حماكاا، حبيث يكون سلوك اآلخرين قدوة له، أي أن أمناط سلوك اآل

الفرد قد يتعلم يف موقف ما، سلوكا ما، حىت لو مل يظهر هذا السلوك املتعلم من خـالل

وقد حدد باندورا .٢املالحظة بصورة فورية، ولكن يظهر هذا السلوك يف ظروف مستقبلية

:٣حظة، وهيأربع خطوات مترابطة للتعلم باملال

:االنتباه: أوال

جيب أن يتركز يف عملية االنتباه شعور الفرد واهتمامه بالنموذج الذي يسعى إىل

التعلم منه وحماكاته، وحتدد عملية االنتباه السلوك االنتقائي املالحظة مع استبعاد

واالنتباه إىل منوذج ما، خيضـع . أنواع أخرى من السلوك ال تلفت نظر املالحظ

تحكم العديد من العوامل مثل خصـائص النمـوذج وخصـائص الشـخص ل

.املالحظ

.٦٥، ص مسؤوليات األب املسلم يف تربية الولد يف مرحلة الطفولة ،باحارك، عدنان حسان الصاحل ١٢

:انظر Bandura Albert, "Social cognitive theory", in Six theories of child development, Edited by Ross Vasta ,15.

٣

. ٢١ - ١٧املرجع نفسه، ص : انظر


124

التذكر : ثانيا

املنظومة األوىل، منظومة ختيلية، واملنظومة : ميكن أن ختضع هذه العملية ملنظومتني

الثانية، منظومة لفظية، ومن خالل عملية االشتراط احلسى يتبع النموذج

والصور البصرية تلعب دورا مهما يف . متعددة للسلوك باعتباره مثريا، صورا

يف مراحل النمو املبكرة، حيث يفتقر الشخص إىل التعلم باملالحظة، خاصة

ويكون اعتماده األكرب على الشفرات . والتشفري اللفظي ،املهارات اللفظية

ضافة نه من نقل كم هائل من املعلومات يف صورة خمزون، باإلالرمزية، اليت متك

.إىل أن التشفري الرمزي خيدم الذاكرة نتيجة التكرار أو املمارسة

:إعادة األداء احلركي: ثالثا

يتضمن هذه العملية حتويل ما هو معروض من رموز إىل أفعال مناسـبة، كمـا

يتضمن السلوك يف هذه احلالة جمموعة من املهارات العملية أو احلركية اليت تـتم

.املرتدة اليت حتدث نتيجة األداء باملمارسة وبالتغذية

:الدافعية: رابعا

األول، متثيـل النتـائج : إن الدافعية عند باندورا تكوين معريف، وله مصـدران

املستقبلية، ومن خالهلا يستطيع املرء أن يولد الدوافع احلالية للسلوك، والثـاين،

ي أن إدراك هو حتديد املرامي واألهداف أو مستويات األداء املرغـوب فيـه، أ

سلوكنا على حنو مباشر والتفكري فيه واحلكم عليه يزودنا ببواعث ذاتيـة علـى

.املثابرة يف حتقيق مستويات حتديدها يف صورة أهداف

من هنا نتعرف على كيفية عملية التقليد أو احملاكاة اليت فطر عليها اإلنسان، مما يؤكد

. ب لدى األطفالأمهية القدوة احلسنة يف بناء السلوك الطي


125

التربیة بالقدوة في السنة النبویة: المطلب الثالثيكتسب الطفل العادات، واألخالق، والقيم من احمليطني به، وخاصة أقرب الناس إليه،

وحيرص اإلسالم على أن يتمسك الكبار مبكارم األخالق، كي يتلقاها عنهم . وهم الوالدان

وفيما يلي عرض لنماذج من األحاديـث . الدنيا واآلخرةالصغار فيفوز اجلميع بالسعادة يف

.النبوية يف أسلوب التربية بالقدوة

التربية على خلق العدل: أوال

حيث اإلسالم اآلباء على العدل واملساواة بني األبناء، وحيذر من مغبة ظلم أحـدهم أو

،لي أيب بـبعض مالـه تصدق ع": قال بن بشري فعن النعمان ،التمييز بينهم بشكل عام

فانطلق أيب إىل الـنيب ، ال أرضى حىت تشهد رسول اهللا :فقالت أمي عمرة بنت رواحة

ليشهده على صدقيت فقال له رسول اهللا: »ال :قال ،»أفعلت بولدك هذا كلهم؟،

.١"تلك الصدقة فرجع أيب فرد ،»واعدلوا يف أوالدكم ،اتقوا اهللا« :قال

أن أمه بنت رواحة سألت أباه بعض املوهوبة مـن ": عمان بن بشريالنويف رواية

على ما ال أرضى حىت تشهد رسول اهللا :مث بدا له فقالت ،فالتوى ا سنة ،مال البنها

!يا رسـول اهللا :فقال فأتى رسول اهللا ،فأخذ أيب بيدي وأنا يومئذ غالم ،وهبت البين

:فقال رسـول اهللا ،على الذي وهبت البنها إن أم هذا بنت رواحة أعجبها أن أشهدك

:قال ،»أكلهم وهبت هلم مثل هذا؟« :فقال ،نعم :قال ،»يا بشري ألك ولد سوى هذا؟«

.٢"»فإين ال أشهد على جور ،فال تشهدين إذا« :قال ،ال

األب على االلتزام بصـفة هو األب، وقد ربى النيب نيإن املخاطب يف هذا احلديث

حرصا بالغا على أن يظهر األبـوان ولقد حرص النيب . ، حىت يكون قدوة ألبناءهالعدل

.سبق خترجيه ١حلديث ، رقم ا١٢٤١، ص ٣كراهة تفضيل بعض األوالد يف اهلبة، جـ : كتاب اهلبات، بابصحيحه، مسلم، يف أخرجه ٢

١٦٢٣.


126

والداألبني وهذا احلديث يدل على وجوب التسوية. أمام الطفل يف صورة القدوة الصاحلة

. نثىويسوى بني الذكر واأل ،يهب لكل واحد منهم مثل اآلخر وال يفضلأن و ،يف اهلبة

ملنافاته للعـدل الـذي ،والد جبميع صوره شيء مكروه يف اإلسالمإن التمييز بني األ

فـإين « فيه من ظلم بني األوالد، استدالال بقول النيب لماأوجبه اهللا تعاىل على عباده، و

.١»ال أشهد على جور

يـا أيهـا :وقد نص القرآن الكرمي على مبدأ العدل وأكد عليه حيث يقول اهللا

ينلوا الذـدعلـى أال تم عآن قونش كمنرمجال يو طساء بالقدهش لهل نياموا قووا كوننآم

]٨: املائدة[ اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبري بما تعملون.

ظهور احلقـد واحلسـد بـني : املترتبة على املفاضلة بني األوالدومن النتائج السلبية

األوالد، وعدم العدل والظلم يؤدي إىل االنتقام والفساد، وظهور الكراهة والفرقـة بـني

األوالد، ومن مث ظهور التفكك يف اتمع الواحد، وقد يؤدي ذلك إىل احنـراف بعـض

والذي خنلص إليه، هو ضـرورة . ٢واحلياءاألوالد نفسيا؛ وإصابتهم باالنطواء، واخلوف،

العدل واملساواة بني األوالد، حيث يتعلم الطفل ضرورة العدل والقسط يف التعامـل مـع

. اآلخرين

،مكروه وليس حبرام اأ: وقيل". ال أشهد على جور"واحتج برواية ،حرام أا: قيل. اختلف العلماء يف حكم هذه اهلبة ١

عند صل يف كالم الشارعاألوالراجح القول الثاين، ألن ". فأشهد على هذا غريي"واحتج برواية ،واهلبة صحيحة

فليس "ال أشهد على جور" وأما قوله .باحةفإن تعذر ذلك فعلى اإل ،أو الندب ،على الوجوب "أفعل"طالقه صيغة إ

كان حراما أو وكل ما خرج عن االعتدال فهو جور سواء ،ألن اجلور هو امليل عن االستواء واالعتدال ،فيه أنه حرام

فيجب تأويل اجلور على ،يدل على أنه ليس حبرام "أشهد على هذا غريي" وقد وضح مبا قدمناه أن قوله .مكروها

فإن مل يفعل ،يستحب أن يهب الباقني مثل األول ،ن هبة بعض األوالد دون بعض صحيحةفإ .أنه مكروه كراهة تنزيه

، جـ املنهاج شرح صحيح مسلم ،النووي :انظر. وفيه جواز رجوع الوالد يف هبته للولد ،استحب رد األول وال جيب

.٦٦ - ٦٥، ص ١١

٢ .١٥٠،ص تربية الطفل يف اإلسالموبدران، أمية فارس، ،ومحودة، حممود حممد ،أمحد عمر، عطا: انظر


127

التربية على خلق الصدق: ثانيا

الوالدين أن يكونا قدوة حسنة يف خلق الصدق أثناء تعاملـهم مـع حيث الرسول

وعن عبد اهللا بن عمرف. اخلاطئة اليت قد يقتدي ا الطفلاألطفال وحيذر من التصرفات

فقال هلا ،ها تعال أعطيك :فقالت ،يف بيتنا قاعد ورسول اهللا دعتين أمي يوما": أنه قال

أما «: فقال هلا رسول اهللا ،أعطيه مترا :قالت »وما أردت أن تعطيه؟«: رسول اهللا

.١»بةذكتبت عليك ك إنك لو مل تعطيه شيئا

!تعـال :من قال لصـيب «: نه قالأهللا ا عن رسول ، عن أيب هريرةويف رواية

.٢»فهي كذبة ،مث مل يعطه ،هاك

األب على التـزام صـفة إن املخاطب يف هذا احلديث هو األب، وقد ربى النيب

م يقتدون ـم، واألطفال مبراقبتهم لسلوك الكبار، فإ. الصدق، حىت يكون قدوة ألبنائه

. فإن وجدوا أبويهما صادقني سينشؤون على الصدق، وهكذا يف باقي األمور

التربية على إلقاء السالم: ثالثا

على املريب أن يبدأ األوالد بالسالم، تعليما منه وتعويدا، وذلك اقتـداء بـاملريب األول

: س بن مالكـعن أن. مر معليه الصالة والسالم حيث كان يسلم على الصبيان إذا

.٣"ر على غلمان فسلم عليهمم أن رسول اهللا "

كما أن سـالمه . وكمال شفقته على العاملني، بيان تواضعه ويستفاد من احلديث،

على الغلمان، ميثل قدوة عملية هلم، وتربية على االقتداء به يكون قدوة لآلخـرين .

.سبق خترجيه ١٢

إسناده صحيح على ": شعيب األرنؤوط وقال الشيخ ،٩٨٣٥، رقم احلديث ٤٥٢، ص ٢جـ مسنده،، يف أمحدأخرجه

."شرط الشيخني، رقم احلديث ١٧٠، ص ٤الم على الصبيان، جـ استحباب الس: كتاب السالم، بابصحيحه، مسلم، يفأخرجه ٣

٢١٦٨.


128

الذي مسع احلديث وهو غالم، فقد كـان يسـلم علـى وهذا ما فعله أنس بن مالك

". يفعله كان النيب : "، ويؤكد ذلك بقولهالصبيان اقتداء بفعل النيب

،السالم على الصـبيان املميـزين إضافة إىل ذلك، يدل هذا احلديث على استحباب

ا تـدريب ،بيانيف السالم على الصكما أن . وبذل السالم للناس كلهم ،والندب إىل التواضع

.١واتفق العلماء على استحباب السالم على الصبيان. ةعلى آداب الشريع هلم

التربية على مراعاة حقوق اآلخرين: رابعا

إن مراعاة إرادة األطفال وحقوقهم أمر ضروري، حىت يعتادوا حرية الـتفكري منـذ

ـيبون وقـد فيدلوا بآرائهم مبا يناسب تفكريهم وقدرام، وهم يف. الصغر هذا قـد يص

خيطئون، فإن أصابوا وجب التشجيع، وإن أخطؤوا وجب التنبيه والتوضيح من غري تسفيه

. ٢خمز أو زجر حمطم

بقـدح أيت الـنيب ": قال عن سهل بن سعدوقد دل على هذا األصل حديث

أتـأذن يل !يا غالم«: واألشياخ عن يساره فقال ،فشرب منه وعن ميينه غالم أصغر القوم

فأعطـاه ،"يا رسـول اهللا ما كنت ألوثر بفضلي منك أحدا :قال ،»؟أن أعطيه األشياخ

.٣إياه

١

، ص ٧، جـ حتفة األحوذي بشرح جامع الترمذي ،حممد عبد الرمحن بن عبد الرحيم أبو العال ،املباركفوري: انظر

، ص ١١، جـ فتح الباري شرح صحيح البخاري ،أمحد بن علي أبو الفضل العسقالين الشافعي ،بن حجر؛ ا٣٩٣

٣٣.

.٤٤ص ، رعاية الطفولة واألمومةاخلطيب، عز الدين، : انظر ٢٣

يف الشرب ومن رأى صدقة املاء :بابالشرب، - كتاب املساقاة ،صحيحه، يف -واللفظ له– البخاريأخرجه . متفق عليه

،صحيحهيف مسلم، ؛ و٢٢٢٤، رقم احلديث ٨٣٩، ص ٢، جـ وهبته ووصيته جائزة مقسوما كان أو غري مقسوم

، رقم احلديث ١٦٠٤، ص ٣استحباب إدارة املاء واللنب وحنومها عن ميني املبتدئ، جـ : ، بابكتاب األشربة

٢٠٣٠.


129

موافق ملا تظاهرت عليه دالئل الشـرع مـن "وقد بين اإلمام النووي أن هذا احلديث

وفيه أن األمين ىف الشراب وحنوه يقدم ،كراملتيامن ىف كل ما كان من أنواع اإلااستحباب

قدم األعراىب والغالم على أىب بكر رضى ألن رسول اهللا ؛أو مفضوال ن كان صغرياإو

.١"اهللا تعاىل عنه

أن على املريب أن يراعي حقوق األطفال، حيـث يـتعلم :ونستفيد من هذا احلديث

إعطـاء "هذا باإلضـافة إىل أن . األطفال أن مراعاة حق اآلخرين أمر مطلوب يف اإلسالم

ل حقه، وقبول احلق منه يعطيه ثقة نفسية، وشعورا إجيابيا حنو احلياة، ويتعلم أن احلياة الطف

أخذ وعطاء، ومن مث يستطيع أن يكشف عن مواهبه وميوالته اليت قد جتعل منـه عبقريـا

.٢"حقيقا، إذا، أحسنا فهمه أحسنا التعامل معه

ةتنبیھات حول أسلوب التربیة بالقدو: المطللب الرابع

تقدم القول بأن على املريب أن يسلك كل سبيل حسن ليكون بذلك قدوة يتـأثر بـه

وأذكر هنا بعض األمـور . أوالده، ومن عليه حق تربيتهم فينشؤون على مكارم األخالق

.اليت جيب على املريب االلتزام ا لتتم االستفادة من هذا األسلوب على الوجه األمثل

خيالف قوله عمله، وإال فإنه يكون بذلك منفرا مما يدعو إليـه، على املريب أال: أوال

.]٣: الصف[ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما ال تفعلون: كما قال اهللا تعاىل

فهذا من أبرز املؤثرات يف "ينبغي للوالدين التركيز على إصالح الولد األكرب، : ثانيا

د، ألن الولد األصغر حياكي عادة ما يفعله األكرب، بـل إصالح باقي األوال

ينظر إليه أنه املثل األعلى يف كل شيء، ويقتبس من األكرب صفاته اخللقيـة

. ٣"وعاداته االجتماعية

ـ ، املنهاج شرح صحيح مسلم ،لنوويا ١ .٢٠٠، ص ١٣ج .١٥٢ص ،تربية الطفل يف اإلسالموبدران، أمية فارس، ؛ومحودة، حممود حممد ،عمر، عطا أمحد ٢٣

.٦٣٢، ص ٢، جـ يف اإلسالم والداأل تربية ،علوان، عبد اهللا ناصح


130

فالطفـل مييـل إىل . ينبغي أن حيرص األبوان على اختيار األصدقاء ألوالدهم : ثالثا

.وأخالقهمحمبة األصدقاء، وجمارام يف سلوكهم

على األبوين أن حيرصا على اختيار املدرسة املناسبة ألوالدمها، حيث يلتقـون : رابعا

باملدرسني والزمالء من التالميذ، ويعيشون معهم وقتا البد أن يتأثروا فيه مبن

.خيالطوه

على األبوين أن حيرصا على يئة اتمع الصاحل يف كل مكان يصـل إليـه : خامسا

. أوالدمها

وذا يظهر أنه ال جمال للتربية اإلسالمية الصحيحة بدون القدوة الصاحلة، اليت تتمثـل

. األوامر، وتستجيب هلا، وتنزجر عن النواهي، ومتتنع عنها

خامتة

ميكن تسجيل بعض املالحظات والنتائج، واليت يترتب عليه توصيات عـدة، وهـي و

:كالتايل

النتائج: أوال

ة الطفل هي عملية تكوين شخصية الطفل وتنمية مجيع جوانبها، وإحكام تربي إن -١

بنائها إىل حد الكمال، عن طريق استخدام األساليب التربوية املناسبة لكل

مرحلة من مراحل عمر الطفل، مما يسر له حسن التعامل مع اآلخرين يف اتمع

.الذي يعيش فيه

ة جادة لتنشئة اإلنسان الكامل، ليـدرك إن تربية الطفل يف نظر اإلسالم هي عملي -٢

مسئولياته الفردية وعالقاته االجتماعية وسائر مهماته، بأساليب مناسبة، مستندة

وال يصلح آخر . يف مفاهيمها ومبادئها وقيمها إىل القرآن الكرمي والسنة املطهرة

وسـنة هذه األمة إال مبا صلح به أوهلا، فصالح األول، كان باتباع القرآن الكرمي


131

ولن يصلح اآلخـر إال بـالعودة إىل هـذين . وتطبيقها يف واقع احلياة النيب

.مصدرين والتمسك مبا جاء فيهما

إن التربية بالقدوة أسلوب تربوي نبوي، وهي أهم أسلوب التربيـة إن مل تكـن -٣

هي أمهها على اإلطالق، ألا جوهر كل طريقة للتربية، وأساس كل أسـلوب،

ن قدوة يف والديه، ومدرسته، وجمتمعه كي يتشـرب املبـادئ فال بد للطفل م

وال بد أن تكون قدوة اجلميع هي شخصية الرسول . التربوية ويسري على جها

اليت تتمثل فيها كل مبادئ اإلسالم وقيمه وتعامليه.

التوصيات : ثانيا

:يف ضوء ما مت عرضه، توصلنا إىل توصيات عدة، وهي ما يلي

تمام بتوجيه الطفل املسلم، ألن التراخي والتسيب من األسباب الـيت ضرورة االه .١

تدفعه إىل إمهال الواجب وعدم التزام املسؤولية، وإىل احنالل الشخصية، والوقوع

. يف صف الفساد

االهتمام بالدراسات العلمية احلديثة يف التربية، كالتخطيط التربوي، واقتصاديات .٢

.مع التربية اإلسالمية بني األصالة والتجددالتعليم، ودراسة النظم حبيث جت

عقد الندوات واملؤمترات واللقاآت التربوية بصـفة دوريـة، ملعاجلـة القضـايا .٣

واملشكالت التربوية املستجدة، واملشاركة الفعلية يف ذلك، مما يكون له مـردوده

اإلجيايب ليس على األسرة املسملة واتمع فحسب، بل يقدم النمـوذج السـليم

.للمجتمعات األخرى

وختاما، فإن هذه الدراسة جهد املقل، وال أدعى لنفسي أي سبق فيها، وكـل مـا

أرجوه، أن أكون قد وقفت يف عرض وحتليل ما تصورته يف خطة حبثي، فما كان فيها من

.صواب فمن توفيق اهللا تعاىل وحده، وما كان فيها من خطأ وتقصري فمن نفسي

ـــــــــــ


132

:ة املصادر واملراجعقائم

املراجع العربية: أوال

التراث ءإحيا دار، لسان العرب :م١٩٩٩ ،ابن منظور، حممد بن مكرم األفريقي املصري .١

.٣ط ،العريب، بريوت

مؤسسة ، شعيب األرنوط: ، حتقيقسندامل :ت. أبو عبد اهللا أمحد بن حنبل الشيباين، د ،أمحد .٢

.ط.قرطبة، القاهرة،د

مسؤوليات األب املسلم يف تربية الولد يف مرحلة :م١٩٩٢ ،حسان الصاحل باحارك، عدنان .٣

.٣ط ،تمع، جدةادار ، الطفولة

أمحد حممد شاكر : حتقيق ،السنن :م١٩٩٩، حممد بن عيسى أبو عيسى السلمي ،الترمذي .٤

.١دار احلديث، القاهرة، ط، وآخرون

. ٢ط،م. املكتب اإلسالمي، د ،الطفل املثايل يف اإلسالم: م١٩٨١، اخلطيب، عبد الغين .٥

، االحتاد العام للجمعيات اخلريية، عمان، رعاية الطفولة واألمومة: ت. اخلطيب، عز الدين، د .٦

.ط. د

دار كيف نعلم أوالدنا اإلسالم بطريقة صحيحة،: م٢٠٠٥الرمحن، عبد الرمحن النقيب، .٧

.١السالم، القاهرة، ط

.١ط،دار ابن حزم، بريوت ،تربية صاحلة ناءكيف نريب أبنا: م١٩٩٧ ،رقيط، محد حسن .٨

. ط. العامل اإلسالمي، مكة املكرمة،د ة، رابطالطفل يف اإلسالم: م١٩٨١الشرقاوي، حممود، .٩

، دار طيبة اخلضراء، أطفال املسلمني كيف رباهم النيب األمني: م٢٠٠٢عبد الرمحن، مجال، .١٠

. ٣مكة املكرمة، ط

. ط. ، دار املريخ، الرياض، دإلسالمالطفولة يف ا: م١٩٨٢عثمان، حسن مال، .١١

تربية الطفل يف :م٢٠٠٠عمر، عطا أمحد، ومحودة، حممود حممد، وبدران، أمية فارس، .١٢

.١ط ،عمان دار الفكر،، اإلسالم

.ط. ، دار الصفاء، عمان، دتربية الطفل يف اإلسالم: م٢٠٠١العناين، حنان عبد احلميد، .١٣

.١، دار ابن حزم، بريوت، طبية الطفل يف اإلسالمتر: م٢٠٠٣الفندي، عبد السالم عطوة، .١٤

، املكتب الفيصلية، مكة القدوة ودورها يف تربية النشء :م١٩٨٤القرشي، بيكان بركي، .١٥

. ٢املكرة، ط

.٨م، ط . ، دار الشروق، دمنهج التربية اإلسالمية: م١٩٨٢قطب، حممد، .١٦


133

.١دار آية، بريوت،ط، سلسلة قصص رجال حول الرسول :م٢٠٠٥ماردين، عبد الرحيم، .١٧

دار ، حممد فؤاد عبد الباقي: ، حتقيقوطأامل: ت. اهللا األصبحي، د بن أنس أبو عبدا ،مالك .١٨

.ط. د ،صرمالعريب، إحياءالتراث

، دار الكتب بناء الشخصية من خالل التربية اإلسالمية :م٢٠٠٦حمرم، خالد حممد، .١٩

.١العلمية، بريوت، ط

: حتقيق ،اجلامع الصحيح :م١٩٨٤، لقشريي النيسابوريبن احلجاج أبو احلسني اا ،مسلم .٢٠

.٣ط ،دار إحياء التراث العريب، بريوت ،حممد فؤاد عبد الباقي

مطبعة جند العاملية، ، سالماإلهم يف ضوء تاألوالد وتربي :م١٩٩٧ ،حممد بناملقبل، حممد .٢١

.٣ط ،الكويت

املراجع غري العربية: ثانيا١ -

1. Charles G.M & Albert A.M. (1991). “Undersdanding psychology”, (5 th

edn.). Newjersey:

Pentice Hall. 2. Bandura Albert. (1992). "Social cognitive theory", in Six theories of child development (1

st

edn.). Edited by Ross Vasta (London: Jessica Kingsley Publisher. 3. Duane P. S & Sydne E. S. (2000). “Theories of personality” (7

th edn.). USA: Thomson,

Learning Academic Resource Center.

4. Educa�onal Technologies Limited. (2001). “Developing your child's potential”,(n. d.). Hong Kong: Educational Technologies Limited.

5. Maisarah Taufi k. (2002).” Anak nakal kaedah mengatasinya”, (Cetakan Kedua).Malaysia: Perniagaan Jahabersa.


ﺔﻳﻮﺒﻨﻟﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ ﺀﻮﺿ ﰲ … › wp-content › uploads › 2016 › 11...

Documents

Transcript of ﺔﻳﻮﺒﻨﻟﺍ ﺔﻨﺴﻟﺍ ﺀﻮﺿ ﰲ … › wp-content › uploads › 2016 › 11...